يجمع الطب التكاملي أو المتكامل بين ممارسات وعلاجات الطب البديل مع ممارسات الطب التقليدي. بإمكانك تصوره كجسر بين الطب الوظيفي وطب الأسلوب الحياتي والطب التقليدي. يركز الطب المتكامل على العديد من الأمور التي تتراوح بين التغذية و التمارين الرياضية و أسلوب الحياة الصحي والصحة العقلية. فهذه العوامل تساهم معاً في تسبيب الأمراض المزمنة مثل مرض الكلى. في هذه المقالة، سأناقش ما هو طب الكلى المتكامل وكيف يمكن أن يحدث فرقاً في حياة المرضى المصابين بأمراض الكلى
مفهوم طب الكلى المتكامل
يركز طب الكلى المتكامل على ستة مجالات أساسية تحدد عوامل الخطر الفردية لمرض الكلى لتطوير خطة تعديل نمط الحياة الشخصية التي يمكن دمجها في المقاربة التقليدية للمرضى. هذه المجالات تغطي التغذية، النشاط البدني، التدخين، استهلاك الكحول، والتعرض للسموم البيئية وصحة الأمعاء والصحة الذهنية. وهذا قد يؤدي إلى تحسين حالة المرضى وتحسين النتائج الصحية على المدى الطويل. وتشمل هذه المجالات ما يلي
الوراثة وما فوق الوراثة فمن غير الممكن معرفة خصوصية الشخص بدون معرفة مورثاته التي قد تؤثر على ظهور أمراض معينة وعلى سرعة استقلاب الشخص للأدوية والكافيين مثلاً وما إلى ذلك. أما فوق الوراثة فهو علم يتعامل مع تأثير البيئة بمختلف أشكالها على تعبير المورثات عن نفسها بإظهار الأمراض أو تقليلها
أسلوب الحياة الشخصي بما في ذلك النوم والنشاط البدني والتدخين وطريقة التعامل مع التوتر النفسي فقد أثبتت العديد من الدراسات أن هذه العوامل تؤثر على صحة الكلى
التغذية ورغم أنها واحدة من أساليب الحياة إلا أننا خصصنا لها بنداً خاصاً لأهميتها ولعلاقة ما يدخل الجسد عن طريق الطعام بظهور أمراض متعددة أو الوقاية منها
محور الأمعاء والكلى فتحتوي الأمعاء على الملايين من الباكتيريا بأعداد ومورثات تفوق نظيرتها الموجودة في جسم. وتفرز هذه الباكتيريا مواد متعددة يمتص جسم الإنسان وهناك حوار متواصل بين هذه البكتريا وخلايا الجسم. بالإضافة إلى ذلك فإن سلامة جدار الأمعاء مهم جداً في الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة. وفي حالة أمراض الكلى المزمنة تكتسب صحة الأمعاء أهمية خاصة سأتحدث عنها لاحقاً
التعرض للسموم البيئية التي تلوث كل ما حولنا بما في ذلك الماء الذي نشربه والطعام الذي نأكله والهواء الذي نستنشقه والمفروشات التي نجلس عليها وغيرها من الملوثات التي نتعرض لها يومياً وتؤثر على صحة الكلى بشكل مباشر أو غير مباشر
الأدوية، فلا شيء في طب الكلى المتكامل يمنع من استعمال الأدوية وعليك الهرب من أي ممارس يدعي أنه سيشفي الكلى بدون إلى الأدوية، ولكن بالمقابل لا ينبغي أن تستخدم الأدوية كبديل عن ممارسة نمط حياة صحي
انضموا إلى مجموعة طب الكلى المتكامل على الفيسبوك
أهمية طب الكلى المتكامل
يؤثر القصور الكلوي المزمن على الملايين في العالم كما رأينا سابقاً وغالباً ما يرتبط بالعديد من الأمراض المصاحبة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وارتفاع ضغط الدم. ويمكن أن يؤدي استخدام الطب المتكامل إلى تحسين علاج هذه الأمراض والمساعدة في تقليل تأثيراتها السلبية على الكلى. يقدم طب الكلى المتكامل الأدوات والاستراتيجيات اللازمة لمساعدة المرضى في تحسين صحة الكلى
النهج المتكامل لرعاية مرضى الكلى
يهدف طب الكلى المتكامل إلى تحديد السبب الجذري لمرض الكلى وتحديد العديد من العوامل التي تساهم في سرعة تطوره. و يركز بشكل رئيسي على المبادئ الستة الأساسية التي ذكرت أعلاه لتحديد عوامل الخطر الفردية لمرض الكلى لتطوير خطة تعديل نمط حياة شخصية يمكن دمجها في رعاية المريض بخاصيته و يتم ذلك من خلال ثلاثة مراحل
التوعية
يتطلب تغيير التركيز من النهج الطبي التقليدي نحو النهج الطبي المتكامل لاستثمار الوقت والجهد في توعية المرضى وحول هذا المرض الصامت والقاتل وضرورة التداخل الباكر لإيقاف تطوره ولمنع المضاعفات. وهناك حاجة لتثقيف المرضى حول أنماط الحياة البديلة التي قد تختلف حسب نوع المرض الكلوي وخاصية المريض
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تثقيف مختلف الممارسين حول مبادئ طب الكلى المتكامل والأدوات المستعملة للتقييم وأنواع تحاليل مستعملة لم يعتادوا عليها سابقاً لتحديد خاصية المريض
إضفاء الطابع الشخصي
تتطلب مقاربة الطب المتكامل لأمراض الكلى فريقًا متكاملاً من أطباء الكلى المدربين على مبادئ وأساليب وأدوات الطب المتكامل مع أخصائيي تغذية مدربين و مرشدين صحيين. يقوم هذا الفريق بتقييم وتحليل جميع العوامل المرتبطة بالمبادئ الستة لتصميم “خطة تعديل نمط حياة خاصة بهذا المريض” يمكن دمجها مع مقاربة الطب التقليدي له
الإرشاد
وبالرغم من كلما سبق، لا يكفي وصف خطة تعديل نمط الحياة للمريض فقط. فقد أثبتت الدراسات أن الواحد منا يحتاج وسطياً ل ٦٦ يوماً للالتزام بعادة جديدة. حتى أن البعض يحتاج إلى فترة أطول من ستة أشهر لتأسيس عادة جديدة. لذلك، يحتاج المرضى إلى مرشدين يساعدوهم على تنفيذ الخطة الحياتية الشخصية التي وصفت لهم بما في ذلك من التسوق لشراء البقالة اللازمة، و التدريب على إعداد الوجبات، والتعامل مع التوتر النفسي وحتى العلاقات مع الآخرين، وتحسين النوم، وما إلى ذلك
يمكن سد هذه الفجوة من قبل مرشدين تم تدريبهم على نهج طب الكلى المتكامل ويعملون تحت إشراف أخصائيي الكلى وأخصائيي التغذية. قد يكون هذا المرشد مساعدًا طبيًا مدربًا بشكل كافٍ. فقد أثبتت الدراسات أن المرشدون من أمثال هؤلاء قد يساعدون في تحسين ضبط الداء السكري والتحكم في الكوليسترول. وقد تم استخدام المرشدين الصحيين في المملكة المتحدة لهذا الغرض. وهذا جزءٌ مهمٌ جداً لنجاح نهج طب الكلى المتكامل
الخلاصة
طب الكلى المتكامل يعتمد على نهجٍ مبتكر وشامل لرعاية أمراض الكلى. ويلعب دورًا هاماً في توعية المرضى و من ثم إيجاد خطة خاصة بكل منهم لتغيير نمط حياتهم وارشادهم على هذه الخطة بما يضمن صحة الكلى. وبفضل هذه المقاربة التي تعتمد على المبادئ الستة التي ذكرت أعلاه يمكن تحسين جودة حياة المرضى برأيي والقضاء على وباء القصور الكلوي المزمن