يصيب القصور الكلوي المزمن ملايين الناس في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما يرتبط بأمراض أخرى مثل السكري وارتفاع ضغط الدم و أمراض المناعة الذاتية. تشير الإحصاءات إلى أن هذا المرض بلغ مرحلة تعادل الوباء، حيث يعاني حوالي ١٥% من السكان في الولايات المتحدة منه. حيث أظهرت البيانات أن هذا الداء قد أصاب أكثر من ٤٥ مليون شخص في الولايات المتحدة وأكثر من ثلاثة ملايين في كندا

الإحصاءات العالمية تختلف من دولة إلى أخرى حسب تطور الطب الوقائي و القدرات في البلدان المختلفة. و لكن أظهرت دراسة نشرت في مجلة اللانسيت عام ٢٠٢٠ أن ما يقارب من ١٠٪؜ من سكان العالم مصاب بالقصور الكلوي المزمن. بمعنى آخر واحد من كل عشر قرُاء لهذه المدونة لديه قصور كلوي مزمن

القصور الكلوي المزمن مرض الصامت

يعتبر الداء السكري و ارتفاع ضغط الدم السببان الرئيسان للقصور الكلوي المزمن. معاً، يشكلان ٧٠٪؜ من أسباب القصور الكلوي في العالم. و يتطور القصور الكلوي المزمن ببطء غالبًا وبدون أعراض واضحة، مما يجعله “مرضًا صامتًا”. و قد تمر عدة سنوات قبل أن يكتشف مرضى القصور الكلوي  أنهم مصابون به. و للأسف عند ظهور الأعراض يقارب المريض من الحاجة إلى التحال الكلوي

يصيب القصور الكلوي المزمن النساء أكثر قليلًا من الرجال و لكن تطوره أسرع عند الرجال لأسباب مختلفة سأذكرها في مدونة قادمة. بالإضافة إلى ذلك يلعب العرق و الحالة الاقتصادية-الاجتماعية دورًا في حدوث و تطور القصور الكلوي

و يصنف القصور الكلوي لخمسة مراحل كما ذكرت في مدونة سابقة. و تعتبر المرحلة الثالثة هي الأكثر شيوعًا 

المرحلة الثالثة من القصور الكلوي هي الأكثر شيوعاً



عوامل خطر الإصابة بالقصور الكلوي المزمن

تشمل عوامل خطر الإصابة بالقصور الكلوي: الداء السكري ، وارتفاع ضغط الدم ، وأمراض القلب ، والسمنة ، و وجود قصة عائلية للفشل الكلوي ، والتقدم بالعمر لما فوق الستين و الحصيات الكلوية المتكررة

يعاني العديد من مرضى القصور الكلوي من أمراض خفية في القلب و الأوعية. و عندما تم ترتيب أسباب الوفيات في الولايات المتحدة تبين أن القصور الكلوي المزمن هو تاسع سبب للوفاة. بمعنى آخر، يقتل القصور الكلوي المزمن عدداً من الناس أكثر من سرطان الثدي و من سرطان البروستات. بالرغم من هذه الأرقام المذهلة ، إلا أنك لا ترى أي حملات وطنية أو عالمية فعالة للتوعية بأمراض الكلى. و لذلك فإن نشر التوعية عن أمراض الكلى و القصور الكلوي هو أحد أهم أهدافي من هذه المدونات

بالإضافة إلى ذلك، هناك ثغرات عالمية في مقاربة مرضى القصور الكلوي: ثغرات في الكشف المبكر و المعالجة المبكرة، ثغرات في العلاج بشكل عام و ثغرات في توفر التحال الكلوي و الزرع



التكلفة السنوية 

لا توجد احصائيات عالمية موثوق بها حول كلفة علاج القصور الكلوي. إلا أن هذه الدراسة أظهرت أن تكلفة علاج القصور الكلوي أعلى من تكلفة علاج أمراض القلب و الأوعية في العديد من البلدان. و في الولايات المتحدة، أظهرت البيانات الوطنية أن تكلفة علاج مرض القصور الكلوي في ٢٠٢٠ قد بلغت ٨٥.٤ بليون دولار أو ما يقارب من ربع النفقات الصحية لمؤسسة الميديكير الوطنية



الحاجة لمقاربة جديدة

الطب التكاملي أو المتكامل، الذي يجمع بين الطرق التقليدية والعلاجات البديلة والتكميلية، يقدم مقاربة جديدة لمعالجة هذا الوباء العالمي. يسعى الطب المتكامل و الوظيفي إلى الوصول إلى السبب الجذري للداء الكلوي لتحسين جودة حياة المرضى، وليس فقط تخفيف الأعراض و معالجة النتائج. تسأل هذه المقاربة لماذا أصيب هذا الشخص بالداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو القصور الكلوي وليس فقط كيف يعالج ذلك. تبحث عن خاصية الشخص و ظروفه الحياتية و الغذائية التي قد تؤدي لظهور هذه الأمراض لمقاربتها من ناحية جذرية. تولي هذه المقاربة اهتمامًا أكبر للعوامل الوراثية والتعرض للعوامل البيئية و لتغيير النمط الحياتي والنظام الغذائي للشخص

الخلاصة 

أصبح القصور الكلوي المزمن بمثابة وباء عالمي واسع الانتشار. هناك حاجة ماسة للتوعية بأمراض الكلى و القصور الكلوي المزمن، كما أن هناك حاجة ملحة لتحسين الوقاية والكشف المبكر عن هذه الأمراض. يتطلب ذلك برأيي مقاربة جديدة للوقاية والعلاج. الطب المتكامل، مع تركيزه على الشخص ككل، قد يكون الطريقة الأمثل لمعالجة هذا الوباء