تحتوي كل كلية على ١-١.٣ مليون نفرون (أو وحدة تصفية كلوية). تكلمت عن وحدات التصفية هذه في هذا الفيديو لمن يرغب بالتذكير. ومن خلال هذه النفرونات تقوم الكلى بتصفية ما يعادل ١٨٠ ليتراً من الدم يوميًا. ورغم ذلك فإن الواحد منا يطرح ١.٥-٢ ليتر من البول يوميًا فقط. فكيف تقوم الكلى بذلك؟ و  ما الذي يميز الكلى؟

كما جرت العادة، كل المراجع والمصادر في هذه المدونات ستضاف كروابط ضمن نص المدونة

ما الذي يميز الكلى

التصفية بمرحلتين

‏تحدثنا عن هذا الموضوع سابقاً. وسأذكركم به هنا بشكل سريع لأهميته. تتم عملية التصفية في الكلى على مرحلتين رئيسيتين. تبدأ العملية في الكبب الكلوية، حيث يتم تصفية الدم من الفضلات صغيرة الحجم مع المحافظة على البروتينات والخلايا والجزيئات كبيرة الحجم داخل الدم. في هذه المرحلة تمر العديد من السوائل والأملاح عبر جدار الكبب الكلوية لتشكل مع الفضلات ما يسمى بالرشاحة. وعندما تعلم أن الكبب الكلوية تصفي ما يعادل ال ١٨٠ ليتر يومياً وأن متوسط حجم الدم عند الشخص الطبيعي هو حوالي ال٥ ليترات بإمكانك أن تتفهم أن هذه المرحلة لوحدها لا تكفي

 

 لذلك كان لابد للجسم من استعادة الجزء الأكبر من السوائل والأملاح والشوارد وهذا في المرحلة الثانية أثناء مرور الرشاحة عبر الأنابيب الكلوية. يتم استعادة القسم الأكبر من هذه المواد في الأنابيب الكلوية القريبة في حين تقوم الأجزاء الأخرى من الأنابيب بتعديلات بسيطة نهائية أُشبهها بضبط ألة موسيقية قبل العزف. إن هذه التعديلات البسيطة النهائية على الرشاحة والشوارد والسوائل التي يعاد امتصاصها هو ما يجعل الكلى محورية في ضبط السوائل والأملاح في الجسم

سريرين وعائيين على التوالي

تحتوي النفرونات الكلوية سريرين وعائيين شعريين على التوالي. يدخل الدم إلى الكبب الكلوية من خلال الشُرين الوارد ليشكل أوعية الكبب الكلوية الشعرية ويخرج منها عبر الشُرين الصادر. الدم الصادر من هذه الشُرينات يمر بعدئذٍ من خلال سرير وعائي آخر هو الأوعية الشعرية حول الأنابيب الكلوية

 

Clearly filtered

هذه الهيكلية المعقدة تتيح للكلى القدرة على التحكم في ضغط وتدفق الدم في الأجزاء المختلفة من الكلى. إلا أن ذلك يجعل أي مرض يصيب أحد السريرين يؤثر على السرير الآخر. وهذا ما يفسر، على سبيل المثال، سبب حدوث تليف في الأنابيب الكلوية عن حدوث التهابات في الكبب الكلوية

وظائف الكلى المتعددة

تقوم الكلى بوظائف تتجاوز مجرد تصفية الدم من السموم والفضلات. فهي تلعب دورًا هاماً في تنظيم مستوى الماء والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكلسيوم والفوسفات في الجسم. بالإضافة إلى ذلك فهي تساعد في توازن حموضة وقلوية الدم. كما أنها تلعب دورًا في تنظيم ضغط الدم، وتفعيل فيتامين دال، وضبط إنتاج الخلايا الحمراء

الاعتماد على الضغط داخل الكبيبي

تلعب الشراينات الصادرة والواردة الكبب الكلوية دورًا حاسمًا في تنظيم الضغط داخل الكبب. فالتغيرات في قطر هذه الشرايين يمكن أن تؤثر في كفاءة عملية التصفية. على سبيل المثال، التقلص المفرط للشريين الوارد قد يقلل من تدفق الدم إلى الكبب ويقلل من الضغط داخلها، مما يقلل من كفاءة التصفية ومن معدل الرشح الكبيبي

توسع البروستاغلاندينات الشرين الوارد في حين يقلص الانجيوتنسين ٢ الشرين الصادر. لذلك تؤدي مضادات الالتهاب غير الستيرؤيدية إلى تقلص الشرين الوارد (من خلال تثبيط البروساغلاندينات) بينما تؤدي مثبطات الانزيم القالب للانجيوتنسين إلى توسع الشرين الصادر. هذا ما يجعل استعمال هذه الأدوية معاً مضراً للكلى لأنه قد يؤدي إلى هبوط حاد في الضغط داخل الكبيبات مما قد يؤدي إلى قصور كلوي حاد

الحاجة للكثير من الطاقة

‏ تستهلك الكلى كمية كبيرة من الطاقة للقيام بعملياتها الحيوية. هذه الطاقة تأتي من المتقدرات، الهياكل الخلوية التي تنتج الطاقة. في الواقع، الكلى من أكثر الأعضاء في الجسم حاجةً إلى الطاقة، وهي تستخدم حوالي ٧% من إجمالي نفقات الطاقة اليومية عند الراحة. وهو معدل يعادل ما يستخدمه القلب يومياً

معظم هذه الطاقة تستخدم في عمليات النقل الفعال وإعادة الامتصاص في الأنابيب الكلوية وخصوصاً الأنابيب الكلوية القريبة

 

انضموا إلى مجموعة طب الكلى المتكامل على الفيسبوك

 

العرضة للإجهاد التأكسدي

‏ يجعل اعتماد الكلى وحاجتها الكبيرة للطاقة عرضة للإجهاد التأكسدي. فعمليات انتاج الطاقة تنتج أيضاً جذور حرة (كفوق الأوكسيد مثلاً). لدى الجسم والكلى الطبيعيين أجهزة متعددة لإبطال المفعول الضار لهذه الجذور الحرة كجهاز الجلوتاثيون مثلاً

ولكن عندما يتجاوز معدل انتاج هذه الجذور الحرة عن القدرة الطبيعية للجسم على التخلص منها يحدث ما يسمى بالإجهاد التأكسدي. يؤدي الإجهاد التأكسدي إلى أذية في ال دنا وجدران الخلايا مما يسبب تلفاً للخلايا الكلوية ويساهم في تطور أمراض الكلى المزمنة

التحاور مع أعضاء أخرى

‏ أخيرًا، الكلى ليست معزولة عن الأعضاء الأخرى في الجسم. بل تقوم بالتواصل الدائم مع الأعضاء الأخرى مثل القلب والأمعاء والعضلات والدماغ عبر هرمونات ونواقل عصبية تؤثر على وظائف الجسم الأخرى. على سبيل المثال، تنتج الكلى هرمون الرينين، الذي يساهم في تنظيم ضغط الدم

 

الخلاصة

في الختام، الكلى هي عضو حيوي يلعب العديد من الوظائف الهامة في الجسم. الحفاظ على صحة الكلى يعني الحفاظ على سلامة الجسم كله. عندما نفهم ما يجعل الكلى فريدة، نستطيع العمل بشكل أفضل للحفاظ على صحتها